responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 234
مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا ذُنُوبَهُ» فَالْمُصِيبَةُ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ جَزْمًا سَوَاءٌ اقْتَرَنَ بِهَا السَّخَطُ أَوْ الصَّبْرُ وَالرِّضَا فَالسَّخَطُ مَعْصِيَةٌ أُخْرَى، وَنَعْنِي بِالسَّخَطِ عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ لَا التَّأَلُّمَ مِنْ الْمَقْضِيَّاتِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَالصَّبْرُ مِنْ الْقُرَبِ الْجَمِيلَةِ، فَإِذَا تَسَخَّطَ جُعِلَتْ سَيِّئَةً ثُمَّ قَدْ تَكُونُ هَذِهِ السَّيِّئَةُ قَدْرَ السَّيِّئَةِ الَّتِي كَفَّرَتْهَا الْمُصِيبَةُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَعْظَمَ بِحَسَبِ كَثْرَةِ السَّخَطِ وَقِلَّتِهِ وَعِظَمِ الْمُصِيبَةِ وَصِغَرِهَا فَإِنَّ الْمُصِيبَةَ الْعَظِيمَةَ تُكَفِّرُ مِنْ السَّيِّئَاتِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُصِيبَةِ الْيَسِيرَةِ فَالتَّكْفِيرُ وَاقِعٌ قَطْعًا تَسَخَّطَ الْمُصَابُ أَوْ صَبَرَ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ صَبَرَ اجْتَمَعَ التَّكْفِيرُ وَالْأَجْرُ، وَإِنْ تَسَخَّطَ فَقَدْ يَعُودُ الَّذِي تَكَفَّرَ بِالْمُصِيبَةِ بِمَا جَنَاهُ مِنْ التَّسَخُّطِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ تَرْتِيبِهِ الْمَثُوبَاتِ عَلَى الْمَصَائِبِ أَيْ إذَا صَبَرَ لَيْسَ إلَّا فَالْمُصِيبَاتُ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُصِيبَةٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُكْتَسَبَةٍ.
وَالتَّكْفِيرُ بِالْمُصِيبَةِ يَقَعُ بِالْمُكْتَسَبِ وَغَيْرِ الْمُكْتَسَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «لَا يَمُوتُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ إلَّا كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ قَالَتْ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ وَخِلْته لَوْ قُلْت لَهُ: وَوَاحِدٌ لَقَالَ وَوَاحِدٌ» وَالْحِجَابُ رَاجِعٌ إلَى مَعْنَى التَّكْفِيرِ أَيْ تُكَفِّرُ مُصِيبَةُ فَقْدِ الْوَلَدِ ذُنُوبًا كَانَ شَأْنَهَا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا النَّارَ فَلَمَّا كَفَّرَتْ تِلْكَ الذُّنُوبَ بَطَلَ دُخُولُ النَّارِ بِسَبَبِهَا فَصَارَتْ الْمُصِيبَةُ كَالْحِجَابِ الْمَانِعِ مِنْ دُخُولِ النَّارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكُهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا ذُنُوبَهُ» ) قُلْت: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ يَعُودُ يَكُونُ ذَنْبُ السَّخَطِ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَعُودُ حَقِيقَةً قَالَ (وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ تَرَتُّبِ الْمَثُوبَاتِ عَلَى الْمَصَائِبِ أَيْ إذَا صَبَرَ لَيْسَ إلَّا فَالْمُصِيبَاتُ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُصِيبَةٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُكْتَسَبَةٍ، وَالتَّكْفِيرُ بِالْمَعْصِيَةِ يَقَعُ بِالْمُكْتَسَبِ وَغَيْرِ الْمُكْتَسَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «لَا يَمُوتُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ إلَّا كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ قَالَتْ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ وَخِلْته لَوْ قُلْت لَهُ وَوَاحِدٌ لَقَالَ وَوَاحِدٌ» فَالْحِجَابُ رَاجِعٌ إلَى مَعْنَى التَّكْفِيرِ أَيْ تُكَفِّرُ مُصِيبَةُ فَقْدِ الْوَلَدِ ذُنُوبًا كَانَ شَأْنَهَا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا النَّارَ فَلَمَّا كَفَّرَتْ تِلْكَ الذُّنُوبَ بَطَلَ دُخُولُ النَّارِ بِسَبَبِهَا فَصَارَتْ الْمُصِيبَةُ كَالْحِجَابِ الْمَانِعِ مِنْ دُخُولِ النَّارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ أَنَّك بِمَا ذَكَرْته فِيهِ أَبْطَلْت فَضْلَك عِنْدَ اللَّهِ وَأَنْتَ لَسْت عَلَى ثِقَةٍ مِنْ اعْتِقَادِ النَّاسِ فِيك بَلْ رُبَّمَا مَقَتُوك إذَا عَرَفُوك بِثَلْبِ الْأَعْرَاضِ وَقُبْحِ الْأَغْرَاضِ فَقَدْ بِعْت مَا عِنْدَ اللَّهِ يَقِينًا بِمَا عِنْدَ الْمَخْلُوقِ الْعَاجِزِ وَهْمًا، وَفِي الِاسْتِهْزَاءِ أَنَّك إذَا أَخْزَيْت غَيْرَك عِنْدَ النَّاسِ فَقَدْ أَخْزَيْت نَفْسَك عِنْدَ اللَّهِ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، وَعِلَاجُ بَقِيَّةِ الْبَوَاعِثِ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِهِ. اهـ. قَالَ الْأَصْلُ: وَالْهَمْزُ تَعْيِيبُ الْإِنْسَانِ بِحُضُورِهِ، وَاللَّمْزُ تَعْيِيبُهُ بِغَيْبَتِهِ فَتَكُونُ هِيَ الْغِيبَةَ وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ. اهـ. أَيْ أَنَّ اللَّمْزَ تَعْيِيبُهُ بِحُضُورِهِ وَالْهَمْزُ تَعْيِيبُهُ بِغَيْبَتِهِ فَتَكُونُ هِيَ الْغِيبَةَ عَلَى مَا لِلْأَصْلِ نَظَرًا لِزِيَادَةِ إنْ سَمِعَ فِي حَدِيثِ تَفْسِيرِ الْغِيبَةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَوَافَقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ كَالسَّيِّدِ الْجُرْجَانِيِّ فَقَالَ فِي تَعْرِيفَاتِهِ: الْغِيبَةَ ذِكْرُ مَسَاوِئِ الْإِنْسَانِ فِي غِيبَتِهِ، وَهِيَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَهِيَ بُهْتَانٌ، وَإِنْ وَاجَهَهُ بِهَا فَهُوَ شَتْمٌ. اهـ. بِلَفْظِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الزَّوَاجِرِ: عُلِمَ مِنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ أَيْ فِي تَفْسِيرِ الْغِيبَةِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِيهِ مَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّ الْغِيبَةَ أَنْ تَذْكُرَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَلَى الْوَجْهِ بَلْ الصَّوَابُ مُعَيَّنًا لِلسَّامِعِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِمَا يَكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَخِ فِي الْخَبَرِ كَالْآيَةِ لِلْعَطْفِ، وَالتَّذْكِيرُ بِالسَّبَبِ الْبَاعِثِ عَلَى أَنَّ التَّرْكَ مُتَأَكِّدٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ وَأَعْظَمُ حُرْمَةً قَالَ: وَعَدَمُ الْفَرْقِ فِي الْغِيبَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي غِيبَةِ الْمُغْتَابِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي الْخَادِمِ: وَمِنْ الْمُهْتَمِّ بِهِ ضَابِطُ الْغِيبَةِ هَلْ هِيَ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ فِي الْغِيبَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهَا، أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغِيبَةِ وَالْحُضُورِ، وَقَدْ دَارَ هَذَا السُّؤَالُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ فُورَكٍ ذَكَرَ فِي مُشْكِلِ الْقُرْآنِ فِي تَفْسِيرِ الْحُجُرَاتِ ضَابِطًا حَسَنًا فَقَالَ: الْغِيبَةُ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ وَكَذَا قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِ الْغِيبَةِ: أَنْ تَذْكُرَ الْإِنْسَانَ مِنْ خَلْفِهِ بِسُوءٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفِي الْمُحْكَمِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا: وَاللَّمْزُ بِالْقَوْلِ وَغَيْرِهِ، وَالْهَمْزُ بِالْقَوْلِ فَقَطْ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ الْهَمْزَ بِالْعَيْنِ وَالشِّدْقِ وَالْيَدِ، وَاللَّمْزُ بِاللِّسَانِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَبَلَغَنِي عَنْ اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ اللُّمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُك فِي وَجْهِك، وَالْهُمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُك بِالْغَيْبِ وَفِي الْإِحْيَاءِ قَالَ مُجَاهِدٌ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الْهُمَزَةُ الطَّعَّانُ فِي النَّاسِ وَاللُّمَزَةُ الَّذِي يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ. اهـ. الْمُرَادُ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الزُّهْدِ وَقَاعِدَةِ ذَاتِ الْيَدِ]
(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الزُّهْدِ وَقَاعِدَةِ ذَاتِ الْيَدِ) الزُّهْدُ فِي اللُّغَةِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ ضِدُّ الرَّغْبَةِ تَقُولُ زَهِدَ فِيهِ وَزَهِدَ عَنْهُ مِنْ بَابِ سَلِمَ وَزَهِدَ أَيْضًا وَزَهَدَ يَزْهَدُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست